arablog.org

فلسطين : النقص في مقاربة الاكتمال !

فلسطين

تساءلتُ اليوم عن إحساس ذلك الشاب رث المظهر ، هزيل البنية الذي شاهدته في البنك و هو يحمل أكواماً من النقود ، هذه مهمته على ما يبدو .. وقفتْ سيارة المعاشات خارجًا و تحرك هو و نفر آخرون لحمل النقود ، الكثير منها على هيئة رزم محاطة بكيس شفاف ضخم ، تساءلتُ كيف يشعر و هو يحمل في ظهره الملايين بينما يخلو جيبه من القروش ، بالتحدديد عن الكيفية التي تتشارك فيها الحالتان في قصم ظهره !

تنتنابني مشاعر مماثلة في كل مرة أجد أحدهم يعمل في مكان يفيض بما ينقصه ، كجائع يعمل في مطعم ، عقيم/ة يعمل في مستشفى للإنجاب ، مشّرد ينظّف بيوتاً فارهة ، مريض في صحبة أصحاء ، لا أعرف توصيفاً حصيفاً لهذه المشاعر بعيداً عن إسفاف التعاطف البليد الذي قد يسرّبه مزاج هذا النوع من النصوص ،

ما أعرفه من وحي مشاركة هذا النوع من مشاعر النقص في مقاربة الاكتمال أنها تتحوّل إلى خدر لطيف في وجدان كل هؤلاء ، خدر يجعلهم يتجاوزون مشاعر النقص و العوز و يقفزون على حاجزها نحو حلبة الإرادة و الزمن تلك التي يخرجون منها رافعي شارات النصر رغبة في التغيير و الترقي كنوع من استعادة الحق في المساواة أو الصمود على أقل تقدير ،

تشاركنا سنوات الجامعة مع زملاء فلسطينيين ، بعضهم قادمين من قلب الوجع الفلسطيني الطازج ، مضمخين بعبق الياسمين و مذاق الزيتون و نبرة محمود درويش و إشارات ناجي العلي ، و بعضهم يحملون الأرض الفلسطينية كخارطة في كف أيدييهم في بلد الشتات ، يحملونها كخدر أولي تحوّل مع الوقت إلى صمود و حب للحياة و رغبة في استعادة الحق ، لم أشعر في لحظة بالتأسي عليهم ، ذلك أني وجدت أنهم يمارسون نوعاً من المقاومة تجعلنا نحن المساكين أمامهم ، مقاومة الذات ، تلك التي يجد معها كل منهم في نفسه فلسطين الغائبة التي يريدها و يناضل من أجلها ،

فلسطين التي خرجت من بين فكي أعتى أنواع الإحتلالات و أحقرها بنسبة أمية أقل من 4 %، فلسطين التي لا تزيدها هذرفتنا إلا تشويشاً و لا يمنحها الحصار و القتل إلا مقاومة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً !

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *