arablog.org

أنا و الكلاب الأربعة !

7174

طاردني كلب أمس ، اختارني هكذا من بين أمة لا إله إلا الله في الشارع ، و قرّر أن يختبر صمودي في مواجهة عطشه لرائحة الأدرينالين ( يقال أن الكلاب تثيرها هذه الرائحة و يفاقم الخوف منها سعارها تجاه من تطاردهم ) ، بالرجوع للأدرينالين ، كنت وقتها في مناوبة ولا بدأن معدلاته في دمي كانت في أعلى مستوياتها ،

– هل بالإمكان اعتمادها كقاعدة معنا أيضًا كبشر ؟
– نعم ، الإجابة الخفيفة ، لا تخف عدوّك و لا تقدم له مخاوفك كبنزين لتماديه و استقوائه ، تعامل معه ككلب !

خرجتُ من المستشفى لأشتري شيئًا من البقالة المجاورة ، على بعد شارع واحد، كانت الساعة لم تتجاوز العاشرة ، تبعني كلب لا أعرف من أي ثقب أرضي تسرّب ، مشيتُ بهدوء تصديقًا لأمر العلم الأخرق ، فلما أن كاد يلامسني ركضتُ ، ركض معه ثلاثة آخرون ، تلميحاً على طريقة سنوايت و السبعة الأقزام ، كانت سناء و الأربعة الكلاب ، و للناس في الدنيا حظوظ ،

– هل تختارنا الأقدار السيئة لأننا نستأهلها ؟
– الإجابة : ليس بالضرورة ، لا يمكن الركون لمبدأ مقايضة الخير بالخير و الشر بالشر ، الأرض مزيج اليابسة و الماء ، النار و الهواء ، و هكذا هي الحياة ، مزيج الأقدار ، لا تتوقع من العالم أن يعاملك بطيبة لأنك طيب ، لأن هذا يشبه توقع أن لا يأكلك الأسد إذا علم أنك نباتي ، أو كما قال أحدهم .

لم أختبر إحساساً كهذا في حياتي ، شعرتُ بغريزة البقاء تكثف نفسها في أوصالي و تدفعني إلى التشبث بالنجاة على نحو غريب ، لم يعد النباح يخيفني لنفسه ، كما كان من قبل ، خشيتُ فقط أن أنهش حية ، لم تكن هذه الطريقة اللائقة لموتي ، فكرتُ ،

في مثل هذا الموقف تتمنى لو تستبدل التفكير بالمخالب و التنظير بالأنياب و قلة الحيلة بطريقة ما للنباح المقابل ، لكني لما أفعل ، شعرتُ و كأن الفطرة هي أن تعتز بإنسانيتك مهما كانت دوافعك لتستبدلها ، حتى مع من تحوّرت فصائلهم البشرية ، و اتخذ مسوغ العنجهية طريقه في تعاطيهم ، سيطرت هذه الفكرة على رأسي خلال دقيقة المطاردة تلك ، قبل أن يتدخل آخرون و يعترضون طريقهم برميهم بحجارة أتت على جسارتهم ، تفرّقوا ، و انتابتني موجة ضحك بعدها على غير المتوقع ،

– هل يخرج من صلب الخوف شيء ؟
– نعم ، الشجاعة ، “ليست الشجاعة هي غياب الخوف ، وإنما الحكم أن هناك شيء أهم من الخوف” ، هذا ما خرجت به بعد معايشة أصعب أنواعه ، وجدت في نفسي شجاعة لم أعرف عنها الكثير ، سأسميها من الآن “شجاعة ما بعد الخوف” ، أكملتُ طريقي لاستيفاء ما جئت لأجله ، و مررت من ذات المكان في طريق العودة احتفاظًا بحقي في الهدوء و الاستعداد لمواجهة مخاوفي إن تكررت ، شعرت باعتزاز لمقدرتي على التفكير و استدعاء فلسفات الحياة في أحنك أوضاعها ، و بالنهاية لأني نجوت و ستتاح لي فرصة قادمة لموت لائق !

سناء مبارك

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *