arablog.org

في بيتنا لص !

لص

نحن نتطوّر ، و في جيبي إثبات على هذا ،

**الإثباتات على تطورنا غير قابلة للصرف بالمناسبة على الأقل ليس كحدث لغوي ،
نحتفظ بها في جيوبنا كدليل على الامتلاك لحقيقة ما في زمن العدم ، بعض التملك جيد و البعض منه قاتل ، أن تمتلك وطنًا سيئاً شيء ينتمي للمذهب الأخير ، كحدثٍ ليس فلسفياً بالمرّة ،
بينما الأسوأ في مجمل ما نمتلك أننا أنفسنا نتطور كمتوالية حسابية سالبة ، بينما يتطور الناس حولنا كمتوالية هندسية مطّردة ، و للناس في تطوراتهم مذاهب ، كحدثٍ رياضيٍ لا أتذكره تماماً كما أدّعي !

توهتكم ؟
معليش ، مكنش قصدي ، طيب اسمعوا التالي :

بيتنا مغلق منذ شهر ، العائلة تقضي الصيف خارجه ، تلقينا إتصالاً البارحة من الجيران ، كانت ماما تحادثهم في شأن ما أصاب مضخة الماء تلك التي تقبع بجانب المنزل فيما تؤنس وحدتها ” الساعة ” ، و الساعة هي إصطلاح محلي على عداد الماء ، و الماء هو الحدث الذي لم يزر بيتنا منذ أشهر عديدة ،
عرفت لاحقًا أنهم يبشروننا بفشل محاولة سرقة المضخة التي استعصت على الفك ، بينما انتقم السارق لكرامته النصبية بسرقة عداد الماء ، الذي لا أعتقد أن إنساناً على سطح الكوكب قد يستفيد من سرقته بشيء ، غير أن ما حز في نفسي أن الحقير ترك المضخة الهرمة تؤنس وحدتها بنفسها ، بلا ماء و لا عدّاد ، و تركنا إلى ما يتطلبه أمر الخروج بعداد جديد من إجراءات و روتين لماء لا يصل لنا أبداً ، ياللوحشة !

** يميل الناس إلى مسايرة أهوائهم في الضغط على زناد الشر كلما قلت مساحة الأشياء التي قد يخسرونها ، يبدو أن صديقنا كان أحد هؤلاء ،
قديمًا قالوا “القفل السيء يغوي السارق “، يستبدل صديقي السارق كلمة القفل في العبارة السابقة بـ ” العداد المعطل بجانب مضخة عنيدة ” .

كان السرق في السابق يتسللون إلى البيوت و يحومون في الأسواق للفوز بما تيسر ، ما قل وزنه و غلى ثمنه كشرط مشترك ، الآن يسرق الناس عدادات الماء و مضخات و سيارات و بشر ، نتطور من تصنيف السرقة كحدث انتفاعي لفئة ضالة مضادة للمجتمع إلى حدث سيكولوجي جماعي ينتمي لفكرة ” الكليبتومانيا ” ، السرقة المرضية ، كمثل المليونير المهووس بسرقة مناديل المطاعم ، أو رئيس الدولة الذي يسرق قوت معدم ، أو شخص في منصب فاخر يتطلع لفتات في يد غيره ، أو سارق عداد لن يستفيد منه شيئاً ،

* بعيداً عن طريقتنا نحن في تحوير الحدث ، لطالما تصوّرت أن فعل السرقة بعيداً عن كونه حدث لا أخلاقي فظيع ، تصورته فعلاً دهائياً ، لا أعرف إن كنت أجده هكذا كونه بحاجة للدهاء و الحنكة و سرعة التدبير ، ناهيك عن الشجاعة ، أو بسبب أفلام هوليوود التي صوّرت لنا النصابين كعباقرة ، بشخصياتهم المبهرة و ذكائهم الخارق ، أو ربما هو صديقي نجيب محفوظ الذي ألمح لي ذات حكمة قائلاً ” يبدو أنني سأعيش وأموت فقيراً، فمن الصعب على رجل في الخمسين أن يشرع في تعلم أصول السرقة” !

سناء مبارك .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *