arablog.org

إلى أبي..في ذكرى وفاته !

d8a3d8a8d98a

تلقيتُ البارحة رسالة ، كانت من سارة ” مثل اليوم توفي أبونا ، ادعي له بالرحمة و الجنة ” ،
طبعت سريعاً رسالة اخرى : ” بل غداً ١٨/١٠ ” ،
ردت اقتضاباً : ” اليوم ” ..
يالسارة ! واثقة و عنيدة .

فليكن إذن ، وحدها التواريخ هي التي تقتلك عزيزي ، أما أنتَ فمعنا على الدوام ، تعرف هذا بالتأكيد ، و بالمناسبة لستُ سعيدة تماماً بشأن تجاهلك لرسالتي الأخيرة ، تذكر ؟!

كتبتها لك في مثل هذا اليوم العام الماضي ، لم تأتِ على ذكرها في أي مكان ، عموماً سامحتك حين قررت عوضاً أن تترك مشاغلك و زرتني كثيراً في أحلامي ، أحببتُ الورود و هدية عيد ميلادي ، أحببتُ كثيراً حديثك عن الرفاق و الاشتراكية و جامعة عدن ، و رؤيتك لمستقبل جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية ،

لم أرد مقاطعتك ، لكن سيهمك أن تعرف في وقت ما ، أن الرفاق قتل بعضهم بعضاً في حرب من حسن حظك ان لم تعاصرها ، متّ قبلها بقليل ، و مات بعدك نفر كثير ، أما الاشتراكية فقد هجنها القوم ،أصبح اسمها ” اللقاء المشترك ” ، ستضحك كثيراً إن اخبرتك أنه حزب ديني كبير يرتدي بزّة ماركس و يضع لحيته ، لكنها لحية حمراء، لوناً و اسماً ،

أها ، نسيت أن اخبرك أنه لم يعد هناك جمهورية لليمن الديموقراطية الشعبية ، لم تعد موجودة ، لا هي و لا المستقبل و لا حتى جامعة عدن !

دعك من هذا الآن ، في آخر مرة ايقظني منبه الجوّال و ذهبتَ قبل ان تعطيني رقمك ، كنت أريد أن اهنئك بالعيد ، ماذا عن الجوّال ؟! ، هذا شيء جديد ، نتجول الآن بهواتفنا المدججة بوسائل التواصل ، انترنت ، فايبر ، تانجو ، واتس آب ، و بنصف أرواح ، نحمل قلوباً تحب من خلف الشاشات ، و تعشق من وراء السماعات ، نشقى بعقول سلّمت ذاكرتها للعم جوجل ، و بضمائر مزيفة ، تشبه صورنا بعد الفوتوشوب !

ليس الجميع هكذا ، لكن الحياة باتت صعبة بابا ، كثُر الأوغاد ، و هانحن نكافح للصمود في مجتمع فج ، تغيرت أخلاق الناس فيه ، لذا إن كنت تفكّر في العودة يوماً و كنت تعتقد كالسابق أن طيبتك و مبادئك ستجعلك بمأمن ، عليك أن تغيّر فكرتك حالاً ،

هكذا علمتنا الماما خطأً و هكذا كانت نكستنا فظيعة ، قالت تحديداً أن الرجل لا يمكن أن يكذب و يجبن و يحتال و يتلاعب و يخون ، اتساءل الآن إن كان بإمكان البعض أن يفعل شيئاً غير هذا أصلاً ، لا أريد أن ازعجك ، لذا اعذر سوداويتي، لكن النماذج من حولي مخيفة ، مخيفة جداً

لا تخف ، ليس للحد الذي تفكّر فيه الآن ،، في النهاية بإمكان الحياة و هي تحيطك بالسيئين جداً أن تردفك بأشخاص ليسوا إلاّ ملائكة ، لي منهم أصدقاء و صديقات ، احتفظ بهم كالؤلؤ في محار العمر ،

عدا هذا نحن على أفضل مايرام ، سارة تشع من جديد مملؤة بالتفوق و الأمل و الحب و الأمومة ، علي حفيدك ذكي جداً و حنون و حيوي ، طفل جميل ، يعرفك من صورك و يناديك ” إدو حبيبي ” يقصد جدو حبيبي ،

محب علي ، كأنت ، يشاركك في محبة ماما هنوة أيضاً ” جدة أمي ” ، اسمها الجديد ، تحبه هي أيضاً ، و تعلمه كما علمتنا ، و تحفظ أمانتك كما لم يفعل أحد ، امرأة عظيمة ، لا نشعر باليتم و لنا مثلها ،

ماما نور بخير ، قلقة عليها أنا من آلام المرارة ، يبدو أننا السبب في هذا ، انشغالها بنا لا حد له ،
و جنوننا لا نهاية له ، عليها أن ترتاح قليلاً ، اخبرها ، ربما تسمع لك !

سأتركك الآن ، ثرثرتُ كثيراً اليوم ، هي غلطة التواريخ التي لا تنفك تذكرنا ، ستبقى ذكرى وفاتك ، مجرد تاريخ ، أثق أن الموت ليس إلاّ مأزق العاجزين عن التلاقي !
ابنتك المحبة على الدوام ،سناء
القاهرة ، 2014

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *