arablog.org

ماين زون !

عنف

كدتُ لا أصدق عيني و أنا أنقّلها من مكانها حيث التصقتْ بأوراق المكتب نحو بهو الغرفة ، و إذ بفتاة باااارعة الجمال تقف أمامي ، بابتسامة شاهقة تفلج القلب ، بدت لي أصغر من العشرين بقليل أو كثير ، ودودةٌ على نحو يثير نوازع الأمومة كلها ،

– ممكن يا دكتورة تخرجي برا شوية عشان اوظب الأوضة؟
– مين انتِ ؟
-العاملة هنا ..

جرتْ الأفكار في رأسي و طافتْ حوله سبع شوطات ..
ما الذي تفعله هذه الناضحة بالجمال و الحياة في مكان كهذا ؟و عمل كهذا ؟ و وقت كهذا ؟
العمل ليس عيباً ، أعرف هذا، لكنه الوقت النهار ، أمثالها الآن في المدارس و الجامعات؟
حتى و إن كانت؛ فمثل هذه بإمكانها العمل حيث شاءت دونما إلحاح

تركتُ الأمر يمضي هكذا دون احتمالات ، كنتُ مطمئنة على” ميادة ” في كل مرة كانت تدلف بابتسامتها الغرفة لتنظفها ، أشعر و كأنها اختارتْ هذا المكان عنوة ، حيث الأطفال المرضى و أُمهاتهم و أطباء منهكون لا تُرفَع هواجسهم فوق رؤوسهم شبراً ،
ربما فكرتْ بأنها هنا لن يقدر أحدهم على التحرش بها أو تعريض براءتها لابتزازات الذكورة العفنة ؛خاصة في أماكن العمل التي تضع على قائمة اشتراطاتها : ” فتاة حسنة المظهر”

اليوم دخلتْ الغرفة بعينٍ وارمة و حلقةٍ سمراء تتحملق حولها ، منطفئةٌ كانت كرمادٍ لبقية نارٍ افترشتْ رمل الصحراء ،
عرفتُ من فوري أن أحدهم مرّ عليها ، أثرُ المبيت كان واضحاً ، ارتحالةٌ بدويةٌ فجةٌ في الوجه الرملي الناعم ،

– إيه اللي ف عينك ؟
– وقعت
– و قعتي و الاّ ؟
– مش فارقة يا دوك
– احكيلي
– مامتي ضربتني
– نعم ؟
– وليّة مفترية
– عملتي إيه ؟
– اشتريت بلوزة ب 20 جنية ، هرتني عليها ضرب ، كانت عاوزة الفلوس ليها ، هو أنا باخذ حاجة أصلاً ، يدوبك ، بلوزة و عجبتني !

توقف الزمن هكذا فجأة ، كان المبلغ ضئيلاً للدرجة التي يصعُب معها تصديق رواية كهذه الاّ في الأفلام القديمة الرديئة ، أن يُضرَب بشرٌ بهذه البشاعة بسببه ، سبب آخر لضآلته ، أنّ من يضربكَ لأجله هو أمّك؛ سبب آخر لعدمية الفكرة في مقابل حجم الألم ،

***

في إحدى قطارات الأنفاق في برلين ، دخلتْ امرأةٌ سمراءٌ ، كانتْ تجر أمامها توأمين في عربة ، 8 أشهر تقريباً ، أحدهما ظل ينتحب دون أن توليه اهتماماً ، بعد فترة انثنت عليه و رفعتْ صوتها في وجهه و سددت لفخذه صفعات متتالية تداخلت أصواتها كلها مع صراخ كل من في العربة :
” هالوووو”
كعادة الأجانب في لفت الاهتمام ،
سألوها إن كانت أمه أم المربية ?

ردت : ماين زون بالألمانية = ابني بالعربية !

في المحطة التالية ، على بعد دقيقة و نصف ، فتُح الباب و كانت الشرطة في انتظارها ،
مدام ، ارجوك ترجّلي ، انتِ رهن الضبط !

لا أعلم هل أحدهم بلغ عنها ، لكن الدقيقة و النصف لا تبدو زمناً منطقياً لهذا ، أم أنهم تحركوا وفق رصدهم للحادثة بكاميرات المراقبة ، الأهم انها قد تكون واجهتْ تهمًا تُسقِط عنها الحضانة للأبد ،
لأجل “لطمة” و ” زرة وجه ” !

بنظرة بسيطة فقط على قوانيننا “الشرعية” في أمور الحضانة و الوصاية و عرجنات قوانين الأسرة ندرك حقيقية ماثلة واحدة :
في البلدان التي لا تفكر قوانينها في حماية المرء من أعدائه ، لن يمكنها أبداً حمايته من ذويه !

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *