arablog.org

هروبًا من الضلال نحو التضليل !

imagesتتتتت

الهنجمة نصف القتال ، فعلًا!

بينما كان حراس البوابات في المستشفى يمنعون الناس عن الدخول إلى المبنى في غير المواعيد المقررة ، وقف هو بكامل ثقته بشخصيته الجهورة و بيده جهاز استقبال لا سلكي كمثل ذلك الذي يشبه الجهاز الذي يتحدث به أفراد الشرطة مع بعضهم ، كنت قد خرجت من المستشفى و عند عودتي صادفته داخلًا إليها ، كان يرتدي الزي المدني و معه ابنه الصغير ،

عند أول حاجز أمني رفع صوته و كأنه يحادث شخصية أمنية مهمة في جهازه إياه :

– أيوه يا فندم ، أنا أهو خلاص عند البوابة و هقول لهم إن سيادتك أمرت ندخل.

دون أدنى مقاومة و لا حتى سؤال ، بمجرد سماع الديباجة أعلاه فتح له رجل الأمن الطريق و أفسح له مرورًا بين المشاة ،رافعًا يده بالتحية العسكرية ،

فعل هكذا في البوابة الثانية و الثالثة و في كل مرة كان يلقى نفس الرد ، حتى وصل لما أراده دون كلل ، كنتُ أصعد خلفه في الدرج و قلبي يمتلئ بالحنق ، مبدئيًا لأجل استخدامه السلطة التي يملكها و الوساطات حتى في أصغر الأمور كهذه ، و كهامش لأنه على حساب آخرين أحوج لقضاء أمور ٍيتعنت الحراس في رفضها ” تنفيذًا للأوامر و الضوابط “..

عند الدور الثاني فقد وجهته كما بدا لي الأمر و توقف ليسأل، كان أول ما فعله أن أدخل جهاز التحدث اللاسلكي في الكيس كمن يخفي سرًّا، أخبر زميلتي التي ظهرت في وجهه فجأة بأنه يريد معالجة ابنه من الحساسية في الصدر ، تبدّلت لهجته تمامًا كأفعى غيّرت جلدها للتو ، بدا لطيفًا و مرتبكًا هذه المرة ، أخبرته هي بلطافة معتادة أيضًا بأن مواعيد العيادات في الصباح و أنه إن كان الأمر طارئًا فبإمكانه مراجعة استقبال الطوارئ ،

اعتقدتُ و أنا أسمع ، أنه سيفهم الأمر و ينصرف بناءً على لهجة اللطافة التي أبداها للتو ، لكنه أخذ يثرثر و يتشاكى عن عدم مقدرته على العودة مجددًا ،

– أنا راجل غلبان و مش قد فلوس المواصلات رايح جاي !

هكذا قال ، و نزلت الجملة و كأنها من مشهد آخر لا يخص رجل الوساطة العليا ، لم استطع تركيب الحيازتين معًا ؛ كيف يكون فقيراً معدمًا و جاهلًا هكذا و هو نفس الرجل الذي جعل حراس المستشفى يرفعون له التحايا قبل قليل؟!

ضحكتُ من كل قلبي حينما فهمت الأمر ، و عرفتُ أني أمام شخصية درامية تشاغب الحياة بطريقتها الخاصة ، شخصية كنتُ قد صادفتها قبلًا و لكن من وراء الشاشة في مسلسل مرايا لياسر العظمة ، عندما جسّد دورًا لرجل عاش دور ” المهم ” طوال حياته ، مع أنه لم يكن ، أتذكره بطريقته العبقرية في التمثيل يلوّح بجملة ” ليش ما بتعرف أنا مين ؟ ” و يخرج من جيبه كرتًا يرتعد لرؤيته الكل ، ليتبين في النهاية أنه كان كرتًا أبيضًا ، لكنه مملؤًا بالرهبة العربية من المهمّين حتى بالإدعاء ، و بالحقوق و النظام المنقوص ، مما قد يضطر البعض اللجوء لهذه الكوميديا السوداء هروبًا من الضلال بحثًا عن التضليل !

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *