arablog.org

خيالات الحرمان !

tree
لا أعرف ماذا أقول، سلّتي فارغة، وعلى رأس تلك الشجرة الشاهقة ألمح كلماتي التي لم تنضج بعد، أحب هذه الحالة من النضوب الفكري عمومًا، بإمكاني أن أؤكد أن ظل هذه الشجرة يناسبني الآن أكثر من ثمارها .

أجد أن البطن الجائع بإمكانها أن تتسع لخيالات ضخمة بحجم مأدبة لا تنتهي لحد ، يستطيع الجائع أن يحدد بشكل واضح روائح و أشكال و قوام – ناهيك عن مذاق -كل مالذ في ذاكرته من أصناف ، يمارس التفنن في الاشتهاء لنقل، لكن العجيب كيف أن هذه الخيالات تتوعك بمجرد أن تلتقي بمجموعة من اللقيمات حتى و لو كانت بائسة، تهرم و لا تعود تتسع لشيء و لو كان لرشفة ماء إضافية بلا طعم و لا لون .

الخيالات الصادرة عن الحرمان دقيقة للغاية في تصوير التفاصيل ، أكثر حتى من كاميرات الديجيتال الحديثة، وبإمكانها الدخول في عملية شائكة من الإبتداعات و الإبداعات حولتها بعض الصدف إلى إنجازات بشرية عظمى .

لا أتصور كيف يعيش من يمتلك كل شيء، كيف يُنقّل هواجسه وإمنياته، كيف يدور أيامه بلا أمل أو طموح أو عوز أو حاجة ملحة ترفع الأدرينالين في دمه وتشغل ماكينته البشرية نحو الإبداع والعمل والطموح .

لذلك تبقى المدن التي لم تزرها هي الأجمل، والحب الذي لم تحصل عليه هو الأشهى، و الفكرة العنيدة هي الأجدى، و النجاح المنتظر هو الأغلى، والصديق الغائب هو الأقرب، وهكذا ..

سن اليأس الحقيقي يبتدئ حقاً عند شعورك بأنك تمتلك كل شيء أو لم تعد راغبًا في شيء، أيهما أقرب .

التخمة الفكرية بشعة ومثلها التخمات المادية و السلطوية وحتى العاطفية أو العقائدية ، وحدها الفراغات مهمة لتستمر الحياة وتتجدد، أدمغتنا مليئة بالتجاويف، رئاتنا مليئة بالثقوب، قلوبنا حجرات تستفرغ باستمرار، الكون فراغ مزركش، والحرمان سببٌ لكل المحفزات .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *