arablog.org

حواري مع صحيفة السياسة الكويتية !

10911524_10153106796826151_5193043486760255655_o

حواري مع صحيفة السياسة الكويتية، أجرته الصحفية المائزة سجا العبدلي

بيروت – سجا العبدلي .
تطالعنا الكاتبة سناء مبارك في اصدارها الذي اختُلف على تصنيفه أدبياً ولكنه حصد اجماعاً على أهمية المواضيع التي طرحها وحاكتها الكاتبة بقلم رشيق جمع العمق والتكثيف ما يجعل القارئ يعيش في عوالم صنعتها من وحي الواقع بكل تناقضاته وهمومه بنصوص مميزة خفيفة الظل فيها من الحكمة والفلسفة ومحاكاة الواقع ما يكفي لشد انتباهه. فهي كما تقول: “لا تمر الأحداث من أمامي مرور الكرام حتى يصل وقعها إلى أبعد المدى في ضميري وتفكيري. تحاصرني اختلاجات الناس ورواياتهم, وتجذبني التفاصيل, أجد الإلهام في أبسط الأشياء, وأمضي في الحياة بروح الراوي الرحال”. ولعل ما احتواه هذا الإصدار من قصص والذي تضمن مجموعة نصوص عددها 110 يجعلنا نتساءل عن الخلفية التي جمعت من وراها الكاتبة كل هذه الخبرة لتكتب هذه النصوص التي تلفها الحكمة رغم صغر سنها. هي التي تخصصت في عالم الطب وجمعت بينه وبين الأدب. ومن الواضح أن المشاهدات التي عاصرتها الكاتبة بسبب عملها في الطب كان لها حضور وأثر بارز في ما كتبت. هي كاتبة تؤمن بالفلسفة فتقول: “لطالما آمنت بأن الفلسفة هي لب الإبداع وفحواه, ولا فائدة من نص لا يحفل برؤية جديدة, وجهة جديدة, نظرية جديدة, من ثم ألم تبزغ معظم النظريات الفلسفية والنفسية من أعمال أدبية خالدة, كأعمال العظيم تولستوي ومواطنه دويستوفسكي. برأيي يتحول أي عمل أدبي تفرغ الفلسفة منه إلى سرد عبثي لا يضيف قيمة فكرية ولا إنسانية”.
سناء مبارك, كاتبة من اليمن تقيم حالياً في القاهرة, درست في كلية الطب جامعة القاهرة بموجب منحة من الحكومة اليمنية, تخرجت في العام 2011 و تقوم بدراسة الماجستير في طب الأطفال. تحضر المبارك لإصدار الثاني الذي سيخرج على شكل رواية. من ناحية الكتابة يعتبر “جدار بردين” إصدارها الاول, معها كان هذا الحوار:

الى هذه الدرجة تأثرت بالأحداث التي واجهتك في حياتك اليومية لدرجة انها دفعتك لكتابتها بشكل نصوص جمعتها تحت مظلة هذا الكتاب؟

أشعر دائمًا بقدرتي على تحسس المغزى الأبعد من الحدث, ولطالما دفعتُ بتفكيري نحو تعميم الخاص وتعميق السطحي, لذا لا تمر الأحداث أمامي مرور الكرام حتى يصل وقعها إلى أبعد المدى في ضميري وتفكيري, تحاصرني اختلاجات الناس ورواياتهم, وتجذبني التفاصيل, أجد الإلهام في أبسط الأشياء, وأمضي في الحياة بروح الراوي الرحال, أنا ابنة الحكمة البارة بها, صديقة التفكر الودودة معه, حاولتُ قدر المستطاع أن أمزجهما في بوحٍ خفيف الوقع, لنقُل إنني سعيتُ في هذا الكتاب لأن أضع عينًا ثالثة وبُعدًا رابعًا لروتين حياتي العادية.

هل يمكن القول انك مررت سخريتك من الحياة والواقع الذي نعيشه بكل تناقضاته من خلال هذه المجموعة؟

إلى حدٍ ما, السخرية جزء من أنواع التعبير الطبيعية لدى كل الناس, نسخر عندما تهاجمنا الهموم, نسخر عندما تنقطع الحيلة, نسخر للناضل, نسخر لنقول لا, نسخر لنقايض الشر بالابتسامة, الغباء بالذكاء, الأفكار البالية بأخرى مبدعة, لا يمكن فصل السخرية عن الإبداع بأي حال, ولا يوجد عمل إبداعي مكتمل يخلو من شذراتها بطريقة أو بأخرى, مع إن البعض بات يصنف بعض الأدب بالساخر وهو ما ينكره آخرون, إلا إننا إذا اعتمدنا هذا التصنيف كنوع أدبي منفصل, فلن يندرج “جدار بردين” أو كتاباتي في العموم تحت مظلته في كل الأحوال, ولن ينحاز إلى خانته إلا باليسير العابر.

جدار بردين

لماذا “جدار بردين”, وهل قصدت الإشارة هنا الى جدار برلين بشكل غير مباشر؟

في مقدمة الكتاب وضعتُ سردًا تفصيليًا للظروف التي ساقتني نحو هذه التسمية, فقد ربطتني علاقة ودية مع جدران البردين التي خططت عليها في بيتنا أولى تهويماتي, لأنتقل بعدها بسنوات إلى الفضاء الافتراضي وأجد أن الفيس بوك يماهيني أيضًا في اعتبار الجدران مكانًا جيدًا للتدوين ويسمي صفحات المشاركة “حوائط”, عادت لي ذكرياتي مع الجدران وبدأت أضع في هذا الكيان عشرات الخواطر واللبنات وكان منها “جدار بردين”, بالمناسبة: البردين طوب تصنع به بيوتنا في “عدن”, وللكلمة خصوصية عدنية, أردتُ أن أحمل معها عدن التي ضج بها الكتاب إلى ذهن القارئ العربي, وأن أفتح بها منافذ الفضول لمعرفة المزيد عنها. ربما الوقع الموسيقي هو المشترك بين جدار بردين وبرلين, مجرد مقاربة لفظية.

ماذا عن رمزية الجدار في أفق نصوصك؟

لا توجد رمزية محددة للجدار في أفق النصوص, وإنما في مناخ كتابتها كما أسلفتُ.

ما المغزى من قصة سائق التاكسي الثري جداً؟

أردتُ أن ألقي الضوء على خيارات البشر المتمردة في العيش خارج المتوقع والمأمول, وأن أفتح لها ثقوبًا في الخيال, التمرد على المال والجاه, الحياة خارج السرب, إعادة اكتشاف الذات بعيدًا عن جهوزية الماهية المسبقة, ألا يستحق كل هذا التأمل؟

محاكاة الذات واستدعاء فلسفات الحياة كما اسميتها في احدى قصصك, هل هي ثيمة اساسية لهذا الإصدار؟

نعم لا يكاد يخلو من أحدهما أي نص, إذ لطالما آمنت بأن الفلسفة هي لب الإبداع وفحواه, ولا فائدة من نص لا يحفل برؤية جديدة, وجهة جديدة, نظرية جديدة, من ثم ألم تبزغ معظم النظريات الفلسفية والنفسية من أعمال أدبية خالدة, كأعمال العظيم تولستوي ومواطنه دويستوفسكي؟ برأيي يتحول أي عمل أدبي تفرغ الفلسفة منه إلى سرد عبثي لا يضيف قيمة فكرية ولا إنسانية, وانطلاقًا من هذا الإيمان عمدتُ في كل نص إلى تضمين معنى عميق ولو بتفاصيل دقيقة أو سطحية. أحيانًا أُفصح عن المعنى وأحايين أخرى أترك استخلاص الغرض أو الحكمة للقارئ.

هل يمكن أن تكون المجموعة نوعاً من اصدارات التحفيز الذاتي بطريقة مختلفة, نظرا لما تطرحه من اسئلة وتقدمه من حكم وخبرات في الحياة؟

أعتقد ذلك, لكن لا يستطيع المرء أن يصنف عمله أو أن يضع اعتبارات لطريقة التعاطي معه, بدوري لا أريد أن أنجر لوضع تصورات مسبقة لأثر ما أكتب فأفقد عفويته وانسيابه. أكتبُ بدافع العاطفة والإنسانية وأنحاز للفكرة التي تلهمني أو تثير فضولي, وأفترض أن هذا سينتقل تلقائيًا لوعي المتلقي.

هناك إجماع على أن ما قدمته عبر هذا الإصدار من الصعب تصنيفه وتم اعتباره نصاً جديداً, لكن ألا ترين أن بعض ما احتواه هو اقرب للقصص القصيرة؟

لا أعرف, لا يعنيني كثيرًا التصنيف من حيث الشكل, لكن أتمنى أن يكون المضمون قد حمل الجديد المرجو, أشارككم الرأي في أن بعض النصوص كانت قد جمعت من مقومات القصة القصيرة ولكنها لم تحفل بالسرد وحده, بل تخللتها الكثير من الهوامش والإضاءات, كما إن معظم تلك النصوص السردية كانت في الحقيقة أحداثًا واقعية, وكنت أنا جزءًا منها وبالتالي فهي تقف حائرة بين القصة وأدب المذكرات والمقالة الأدبية, قد يعتبره البعض نصًا جديدًا مراوغةً لإشكالات القولبة الأدبية.

بين الأدب والطب

ما بين الأدب والطب مسافة كبيرة كيف جمعت بينهما؟

الكتابة هواية وملكة بإمكانها أن تطرق باب أي أحد في أي مجال, فما بالك بأكثر المجالات قربًا للإنسان وأشدها التصاقًا بأدق المشاعر وأسماها, الطبيب هو ال¯ “حكيم” عند العرب, والطب طبان عندهم: طب الأجساد وطب النفوس, وهذا التلاقح بين الطب والأدب اتخذ سمة خاصة به عبر التاريخ, لا أعرف إن كان هروبًا للخيال من صلافة العلم ودقته, أم إنها محض مصادفات, شاهدي في هذا عشرات بل مئات الأطباء الذين عشقوا الأدب وأثروا ساحته أذكر منهم يوسف ادريس, انطوان تشيخوف, جورج دوماهيل, مصطفى محمود, ابراهيم ناجي وغيرهم.

خرج هذا الإصدار منوعاً من ناحية المواضيع التي طرحها فجمع بين المواضيع المهنية, الاجتماعية, الثقافية, الدراسية, السياسية, الدينية, كيف استطعت الإبحار في كل هذه المجالات دون الخوف من ان تخفقِ في جانب من جوانبها؟

ببساطة لأنها الحياة التي نعترك بها ومعها في كل وقت, وأنا إذ عرجت على هذه المواضيع تناولتها بما لا يتعدى على مجال أهل التخصص, كحديثنا العام, أعني حديث الأصدقاء للأصدقاء, لا توجد فكرة مكتملة عمومًا, أو فكرة تعلو فوق النقض والنقد, ستظل دائمًا احتمالات الإخفاق موازية لكفة الفلاح.

العمل على ايصال الفكرة بأسلوب سهل وقريب الى القارئ, هل هي مهمة شاقة؟

لا يفترض بها أن تكون كذلك وإلا شعر القارئ بثقل وتكلف هذا الأمر, النصوص المرممة والمرقعة لأي غرض كان, تبسيطًا أو غيره, لا يمكنها أن تصل إلى مكان, النص انسياب تلقائي يتجاوز المناورات والأغراض, ويقدم نفسه بلا رتوش, فإن كان بسيطًا ملهمًا خدم الفكرة, وإن تجاوز مستوى القارئ الحالي نقله إلى مستوى أعلى, عن نفسي أقرأ لأناس معينين لأرتفع معهم لا لينزلوا إلي.

حين تحمل نصوصك عناوين مثل “سناء حلوة يا جميل” و”جدار بردين” هل هو فعل تمرد ام استعارة؟

مجرد مشاغبة لغوية لإثارة فضول القارئ وإعطاء العنوان روحًا مرحة تحرف ذاكرته القريبة نحو شيء جديد.

تعملين على مشروع رواية لتكون اصدارك الثاني, في اي المواضيع تبحث؟

تجري أحداث هذه الرواية في 3 أماكن مختلفة, 3 قارات, 3 نساء رئيسات, تتقاطع مصائرهن عند نقطة معينة, تنشأ علاقة صداقة عابرة للقارات, والاختلافات والحدود وتفرقهن الحروب نحو أقدار لم تكن في الحسبان.

انتقالك للإقامة في القاهرة كيف اثر في نهجك الكتابي؟

القاهرة مسرح كبير, وجوه الناس روايات, وحيواتهم حكايا من ألف ليلة وليلة, مدينة غزيرة وكثيرة, عشتُ في القاهرة ثلث حياتي باعتبار الكم وكلها من ناحية الكيف, انتقلتُ إليها طفلة وسأغادرها امرأة دعكتها الحياة بصابونة الحنكة ونقلتْ إليها ما اختارته لها من عبق, القاهرة مصدري المفتوح للقراءة, للفن, للعلم, للحياة, أحبُها, ونقلتُ هذا الحب حروفًا تسربت من بين صفحات الكتاب بطوله وعرضه.

ما تقييمك لمعرض الكتاب في القاهرة لهذا العام؟ هل هناك إقبال حقيقي ورضا من الجمهور عما تم طرحه برأيك؟

كان مدهشًا بكل المقاييس, من عدد دور النشر التي شاركت, الإصدارات, الإقبال منقطع النظير, الفعاليات الثقافية والأدبية التي أقيمت على مدار الأسبوعين. لعل أكثر ما أثار اهتمامي هذا العام حفلات تدشين الإصدارات الجديدة للكتاب الشباب المصريين وغيرهم, من شعر وقصة ونثر, وان نوعية الجمهور من الفئات العمرية اليافعة امتلأت بها حفلات التوقيع.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *