arablog.org

ما المدينة إن لم تكن عدن !

ما المدينة ان لم تكن عدن

ما المدينةُ ان لم تكن أنثى، إناءَ حمم؟؟

إن لم تكن عدنُ،

إيقاعها:

هرولة الماء،

جملُ الورّادين، عضلاتُهم المبتهجة

لهاث الصهاريج وهي تغني: التوابلَ والماءَ والنارَ

عدن الابنةُ البكرُ الحارةُ للأرض

أمومةُ الريح

بذرةُ الصيادين وشباكُهم وهي تكافحُ الرصاص

ولهُ الأيض،،

ومدّ الأخدود ونخالةُ الطيب

قمرُ الحرية

سيدةُ الجنوب

مرآةُ الحمام وهو يضوعُ بالطلق

ما المدينةُ إن لم تكن عدن ؟

عدن مدينة بطعم ولون ورائحة، أصحو صباحًا على صوت علي يناديني ” يادكتورة سناء اصحي” أضحك و أحضنه حتى أهرسه، أتحسس وجه أمي، فراشي، أعب هواء عدن ملء رئتي، وأشعر أني لازلت حيّة، إذ بقيت أمامي بعض السويعات لأقضيها هنا ..

بالنسبة لشخص مهووس بالتفاصيل؛ فإن مدينة ملئ بها كعدن تشعرني أني في الجنة حقًا .. تفاصيل الوجوه، حركة أجساد الناس في الشوارع، لبسهم، تلويحاتهم لبعضهم، طريقتهم في الحديث، في النميمة، في الحب والكراهية، في الإعجاب والمقت، جلست البارحة في المول لساعتين وشعرت أني قرأت عشرين رواية على الأقل، في عدن ..الناس كُتُب !

مررت البارحة في معظم الأماكن التي أحبها في كريتر والشيخ عثمان، في كل التكاسي و الباصات تقريبًا سمعت الجسمي يغني بشرة خير وسعد لمجرد يغني إنت باغية واحد، لا أعرف سر الولع بهاتين الاغنيتين في مدينتي التي انجبت محمد سعد عبدالله والعزاني وأحمد قاسم ذات روعة، شكل الطرقات كما هو، نسائم البحر، الجبال، الزقاقات الضيقة، المأكل، المشرب، الجدران، الأبواب، حتى المقابر “والكداديف.. وجدت أحدهم يكتب على زجاج الباص الخلفي ” سأحبك حتى يعلن إبليس إسلامه”، همست مها ضاحكة ” فيبه طافة !! ” أجبتها ” للحب و الحرب دائمًا في ” طافة ” !

مررت بساحة الاعتصام في ساحة العروض، أول خيمة تقابلك مكتوب عليها خيمة ” جنوبي بلا قات” تمضي طول الطريق لتكتشف أن جنوبي بلا قات هو “البرقع ” الذي يخفي خلفه فجور التناقضات، و أن الخيام ماهي إلا ” مبارز ” كبيرة، وساحات لتخزين القات و الخيبات !

لا يشعر الناس بقيمة هذه الأصالة التي تفتقدها معظم مدن العالم الآن وتحملها هذه المدينة في جوفها كدُرّة، و إلاّ لما حاولوا تهجين أنفسهم وإياها بهذا الشكل، لا يبقى للإنسان شيء إن فقد هويته، ولايبقى للعدني شيء إن فقد عدنيته، بأيدي الغزاة القدامى أو الغزاة الجدد، بأيدينا أم بيد الغير .

_____________
ما المدينة ان لم تكن عدن قصيدة للشاعر العدني الكبير مبارك سالمين .
الصورة من أرشيف المخرج والمؤلف المسرحي عمرو جمال

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *