arablog.org

يومنا العالمي !

رسمة وحيدة

هذا النص لا يُقرأ .. ولايُستحدث !

لم أتلق ورودًا ولا تهاني .. حسنًا الورود الإلكترونية ليست ورودًا على أية حال والكيبورد ليس المرسال الذي ستبتسم في وجهة امرأة حزينة مثلي، لذا فجيبي خالٍ من غلة هذا اليوم؛ رغم الرسائل العشرة التي وصلتني!

قضيتُ يوم المرأة العالمي أتجول بحقيبة ظهر ثقيلة وضعتُ فيها نصف المنزل، خرجتُ أبحث عن بقية هذا العمر الذي يتجوّل شاردًا في ردهات القصر العيني، قابلت أولى الموظفات : أخبرتها وقد اصطنعتُ ابتسامة حمقاء بأني أريد ثلاثة أشهر إضافية من العذاب .. لاستكمل تدريبي ككوماندوز برتبة طبيب أطفال.

“عند مدام فلان آخر الطرقة” أشارت وقد استوعبتني على نحو غريب ..

قابلتُ “مدامات” كُثُر بحثًا عنها؛ حتى تعثرت بمقدمة ضخمة كانت لـمدام فلان المنشودة؛ كانت امرأة مهولة استفحل وزنها وملأت ربع الغرفة شحومًا بشرية؛ لم تكن تقوى على أن تقوم من مقامها بالطبع لذا غرقتُ معظم النهار في كومة ورق أبحث عن اسمي الذي ضل سعيه بين الثاء والسين، خرجت من بينها متعرقة؛ وكأن المحيط الهادي “بوسعه” قد انسكب فوق رأسي .

تأخرتُ عن موعدي مع المشرفة نصف ساعة، أول لقاء بيننا، كان لقاءً حميميًا جدًا لدرجة أننا لم نجلس ولم نُسلّم على بعضنا، تحدثنا وقوفًا كالمغاوير، بعد نصف ساعة من تلقي الواجبات كان الطب بثقله يتعلق في رقبتي، والحياة القاتمة تتجلى كالكابوس في هذا الرأس المصاب بالأرق.

في الطريق للبيت توقفت لشراء باقة ورود؛ أعني ورودًا حقيقية؛ أردتها حمراء لكن البائع اقترح البيضاء، لم أجد في نفسي الطاقة لمناقشته، رتّبها كما أراد في باقة بديعة، وضعتها مكرمشة في الحقيبة إلى جانب نصف المنزل هناك، كاد البائع يصاب بالصرع وهو يرى وروده تعامل بهذه المعاملة الحقيرة، أما أنا فوجدت الحاجة ملحّة لأن أخفف من لطافتي الفائضة تجاة نفسي حتى لا تتمرد.. لم يكن ليفهم هذه النظرية الغائرة عمومًا، لذا تجاهلتُ هلعه بالكامل.

دعاني صديقي بائع الفاكهة و أنا أمر بجانبه لأجرب التفاح الذي وصل اليوم : ” ده زي السكر و اللهي يا دوكتور” ، آها.. ورود وتفاح بدت الفكرة حلوة المذاق حينها ، الدلال جيد في يومنا العالمي، فكّرت.. وضع التفاحات على الميزان و كنت أنتظره شاردة، لم استفق إلاّ بصوتٍ من الرجل بجانبي يصر على شراء تفاحتين فقط، لم يفهم البائع الغرض من هذا وأخبره أن أقل ما يمكنه بيعه هو نصف كيلو، أي 3 تفاحات .. لكن الرجل كان له إصرار العارفين ، “عاوز اثنين بس”، رددها أكثر من مرّة ..وكان له ما أراد ..
لم أفهم المغزى .. مممم.. أو ربما فهمت، لا أعرف .. بل أعرف !

نظفتُ البيت وحيرتي عندما عدت.. كما لم أفعل يومًا .. اهتممت بأدق التفاصيل، وضعت الورود في فازتها ، غيرت الشراشف، عبّقت كل شيء، هندمت نفسي، أمسكت الهاتف وطلبت وجبة غداء فاخرة، تناولتها في مقابلتي على الطاولة، بهدوء و استمتاع؛ أعني بالشوكة والسكين كما يفعلون في الأفلام و نفعل في اجتماعاتنا العامة، تلك التي تتحول إلى حصص التطبيق العملي لإرشادات كتاب الاتيكيت الذي قرأناه أيام المراهقة . استمتعت بالحديث إلى نفسي بين القضمة والقضمة، تحدثنا كراشدتين عن مناقب الحياة اللطيفة .

هي : الحياة اللطيفة لا تُكتب، بل تُعاش !

أنا : اللهي .. كم أنا وحيدة !!

1 Comment

  1. احلام البدرى

    رائع سكب كلماتك سناء
    كل عام وانت مميزة
    تحياتى

    Reply

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *