arablog.org

القنص .. اللغة التي يتحدث بها صالح والحوثي في عدن (01)

“في اوقات السلام الأبناء يدفنون آبائهم .. في الحرب الآباء يدفنون أبنائهم” يقول هيرودوت.. وفي حربنا هذه يدفن الصديق صديقه، ويدفن القاعد المار، والمريض الصحيح، والخائن البريء . ندفن العابرين إلى حاجاتهم، والواقفين في طوابير الخبز، والمسعفين، والنساء في بيوتهن . إذ أن القناص وهو الجبان المختفي كالجرد والمعتدي الذي لايمكنه أن يمشي على الأرض، الأرض التي ليست له، يمارس آخر أسلحه بقائه غدرًا ويدفن مروءته مع كل قنصة لأعزل .

في ال 30 من مارس الماضي استشهدت الناشطة المعروفة بـ “سالي الجنوب” وهي تقوم بمحاولة إسعاف أحد المصابين، تم قنصها في رأسها مباشرة فأرديت قتيلة على الفور، وكانت سالي تتطوع في إسعاف ونقل الجرحى إلى المستشفى ، ولحظة مغادرتها خورمكسر متجه إلى دار سعد قامت قوات الحوثي و الجيش الموالي لصالح بتصفيتها، ليتحول الأمر فيما بعد إلى مايشبه الظاهرة.

سالي
في ال 2 من إبريل اشتعلت كريتر في أقوى قصف تعرضت له المدينة التاريخية من قبل ميليشيات الحوثي والجيش الموالي لصالح، كان الشاب “براق” يحاول إسعاف الجرحى إلى مجمع القطيع وأثناء إسعافه لأحدهم تم قنصه من الجبل المطل لحي القطيع وأصيب إصابة بليغه في ساقه،” براق يرقد الآن في بيته بلا رعاية صحية ونقوم بتطبيبه بما يتيسر”، يقول جاره الدكتور خالد.
مع مطلع الشهر تخطى الأمر مسألة قنص الأفراد المسعفين ليصل نحو سيارات الإسعاف بطواقمها، فقد تعرضت سيارات إسعاف مستشفى الجمهورية التعليمي أكبر مستشفيات عدن الحكومية، أكثر من مرة لمحاولة قنص؛في إحدى المرات تعرض السائق ومسعف معه للإصابة، وفي حادثة مشابهة توفي أخوان مسعفان (خالد ومحمد باحزيم ) في الـ 3 من ابريل كانا يقومان بنقل الجرحى من المنصورة لخورمكسر .

المسعفان اللذان تم قنصهما

المسعفان اللذان تم قنصهما

ليس المسعفون فقط من يتعرضون لعمليات القنص، طوابير الروتي (الرغيف) أيضًا تعتبر من أكثر الأماكن المعرضة للقنص، في فجر ال 17 من ابريل تعرض أحد المواطنين في حي الزعفران بكريتر للقنص وهو يقف في طابور الروتي نتيجة أزمة الدقيق الخانقة التي عصفت بمدينة عدن جراء الحرب، قُتل الرجل على الفور، ” كان هنا منتظر” قال الرجل أنه كان يقف وراءه في الطابور وما يزال تأثير الصدمة بادٍ على وجهه. وفي نهار اليوم التالي توفي طفل جراء صدمة عصبية طالته وهو ينظر لدماء آخرين سالت من طابور الرغيف الذي كان يقف به في عملية قنص أخرى . ليكون بذلك أول حالة تموت في عدن جراء انهيار عصبي .
حادثة أخرى حدثت صبيحة ال 16 من إبريل، حيث تم قنص طفلة كانت مع أبيها في طابور الخبز في مدينة المعلا دكة، وتم نقلهما تحت القصف إلى مجمع المعلا الصحي، الحالة الخطرة للطفلة استدعت نقلها مباشرة إلى مستشفى باصهيب في التواهي رغم المخاطرة حيث كانت المعلا تواجه قصفا عنيفا جدا في هذا اليوم:
“لانعرف حتى اللحظة حالة الطفلة، فقدنا الاتصال بها”، يروي أحد المتطوعين في مجمع المعلا.
للأطفال نصيب وفير من محبة القناصين، تقول الاحصاءات الأولية غير الرسمية أن 12 طفلًا وطفلة توفوا بالقنص في عدن لوحدها منذ بداية الحرب، الطفلة سارة سعيد عبد الرب القديمي المفلحي (7سنوات ) تم قنصها أثناء ماكانت تلعب في صالة منزلها الذي يقع في حي الكثيري بدار سعد في عدن . وقنص الطفل عبدالرحمن محمد يوسف (4 سنوات) وهو يلعب أمام باب بيته..

الطفلة سارة عبدالرب التي تم قنصها وهي تلعب أمام بيتها

الطفلة سارة عبدالرب التي تم قنصها وهي تلعب أمام بيتها

عبدالرحمن محمد يوسف تم قنصه وهو يلعب مع جده أمام باب بيتهم

عبدالرحمن محمد يوسف تم قنصه وهو يلعب مع جده أمام باب بيتهم

عبدالرحمن على فراش الموت

عبدالرحمن على فراش الموت

فإذا كان الكاتب العراقي سلام عبود يشي بالطول كاستهداف للموت في اقصوصته ” ليس مباحًا أن يكون المرء طويلًا في بغداد ” فإننا في صدد ماهو ” ليس مباحًا أن يكون المرء إنسانًا في عدن ” .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *