arablog.org

القنص .. اللغة التي يتحدثها صالح والحوثي في عدن (02)

عدننا
المصلون لم يسلموا من هذا الهوس، فكانت بيوت الله من أكثر الأماكن التي تعرض فيها مواطنون للقنص؛ حتى أن بعض المساجد أصبحت تقيم صلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا وتقفل أبوابها في صلاة الفجر بسبب هذا الاستهداف المتواصل لمرتاديها، ففي مدينة كريتر تعرض “هاشم علبي” للقنص أثناء مغادرته المسجد في الثامن من إبريل، و”محمد كوكني” تعرض للقنص أيضًا بعد صلاة الفجر في أحد الأيام الماضية، أحد المتطوعين في مستوصف بكريتر حكي لنا القصتين بغضب وأسى شديدين و أضاف قائلًا : “حتى الأستاذ شكيب وبينما هو يحذر أحد المارة من أن هناك قناصٌ سيستهدفه أصيب بطلق ناري في ظهره عقابًا على هذا التحذير، بالله مش حرام، أيش من ناس ذونا، مستحيل يكونوا بشر”.
تروي الناشطة الاجتماعية المعروفة فائزة السليماني قصة زوج خالتها الذي توفي قنصًا، تقول : ” قبل ٤ايام كان زوج خالتي خارجًا من المسجد بعد صلاة العصر متجهًا لمنزلة الصغير لكن رصاصة قناص حوثي اخترقت راْسه واقتلعت جزء من دماغه ظل على اثرها في الانعاش حتى وافته المنية بالأمس .. أبناؤه خارج مدينة عدن لم يستطيعوا توديع والدهم وقلوبهم محروقة من هول المصيبة”
المشاة الذين يقترفون جريمة الحركة في عدن يعاقبون عليها بالقنص، يخبرنا أحدهم بأنه بات يخاف الوقوف طويلًا في أي مكان، فهو لا يعلم من أين ستأتيه الطلقة ؛ يروي لنا قصة جاره أحد ابناء حي الطويلة في مدينة كريتر تعرض للقنص وهو في حارته، يقول :
” في الـ 12 من إبريل كان عادل جالسًا في أحد الأركان في حي الطويلة العريق في كريتر وبجانبه صديق له، أطلق القناص الرصاص عليهما، تسببت الرصاصة بقطع إصبعين من يد عادل؛ واخترقت نفس الرصاصة عنق صديقه الذي فارق الحياة مباشرة، نتيجة للحصار الكبير الذي تعاني منه كريتر وعدم توفر أي مستشفى قادر على إجراء عملية جراحية خاطر عادل ومعه زوجته وأمه بالذهاب لمستشفى النقيب في مدينة المنصورة حيث أجريت ليده عملية أولية ، لتتبقى له عملية ثانية عليها أن تُجرى له خلال يومين، في طريق العودة لكريتر استوقفتهم نقطة للحوثيين، وتم التحقيق معهم عندما لاحظوا الشاش الذي على يد عادل ظنوا أنه من المقاومة وبادروا باعتقاله لولا أنه اقنعهم انه قطع يده بالغلط في بيته أثناء قيامه بأحد الأعمال المنزلية وأن معه عائلته التي يجب أن يوصلها للبيت، بعد استفزاز كبير استطاع أن يفلت من النقطة، عادل لا يستطيع الذهاب للمستشفى لإجراء العملية الثانية حتى لا يعتقله الحوثيون، يعلق جار عاد مختتمًا وصوته ملؤه الغضب والنقمة.
عائلة أخرى أقل حظًا كان تنزح من خور مكسر في الـ 23 من إبريل بعد اشتداد عمليات القصف، وبينما هم في سيارتهم الشخصية التي يقودها الأب تنال طلقة قناص من رأس رب الأسرة، يفارق الحياة و تصطدم السيارة في حادث مريع، أصيب فيه كل من كان بداخلها.
ليس عليك أن تكون رب أسرة نازحًا ليقنصك الأوغاد؛ أحيانًا إن فكرت في الوقوف في شرفة منزلك في عدن؛ عليك أن تعيد التفكير مرة أخرى، إن كنت شابًا في مقتبل العمر وفكرت في شرب كوب من الشاي مع والدتك في بلكونة منزلك فهذه قد تكون فكرتك مميتة، معاذ السلامي ذو ال 24 ربيعًا قضى برصاصة قناص وهو يمازح والدته من على شرفة البلكونة ويخبرها بأنها سينزل لينضم لأبناء حارته في المقاومة والاستشهاد في سبيل الدفاع عن عدن، فما لبث أن استجابت رصاصة القناص لمزاحه بطلقة أردته قتيلًا، كانت المسافة بين البوابة الأمامية والقناصة لا تذكر، فلم يستطيعوا تشييعه مخافة استهداف المشيعين، ولم يوارى معاذ الثرى إلا بعد أن تولّى شباب الحارة تلقّف الجثمان بربطه و تدليته من نافذه تطل على الجهة الخلفية من منزله، لم يستطع والده حضور دفن ابنه وغاب الجثمان أمام ناظريه محمولًا بأكف الحذرين.
دكتورة نيفين جميل الأستاذة بكلية الحاسب الآلي بجامعة عدن دفعت هي الأخرى حياتها ثمنًا للثنائية القاتلة لـ” العدني و الشرفة”، فأثناء وقوفها أمام نافذه منزلها تم استهدافها برصاص قناصة مليشيات الحوثي وصالح المتمركزة بجبل البادري وعدد من العمارات على مدخل مديرية كريتر؛ وقد حاول المسعفون نقلها إلى عيادة السليماني المؤقتة، القريبة من مسجد السليماني بكريتر، غير انها فارقت الحياة، نظرا لافتقار العيادة للمستلزمات الطبية اللازمة.
والدكتورة نيفين ليست السيدة الوحيدة التي استهدفت برصاص قناصة خلال الفترة الفائتة في عدن، فصابرين علوي الطالبة في المستوى الثاني حقوق استشهدت في المعلا برصاص قناصة، ويروي قاهر علي الناشط الميداني قصته مع امرأة مسنة تم قنصها ، يقول ” اليوم تم قنص امرأة اخرى في بلدية كريتر؛ في العصر حوالي الساعة 4 ؛ عجوز لا حول لها ولا قوة؛ تم قنصها في ذراعها الايمن وتم اسعافها إلى المجمع الصحي بالميدان وحسب الطبيب قال انه عظمها و يدها انتهت، كنا متواجدين ولم نستطع عمل شيء لأن المجمع الصحي ليس مجهزا بما يسمح لإجراء عملية جراحية بهذا المستوى، المهم كان معنا أصدقاء من منظمة مجتمع مدني قاموا بتوفير سيارة أجرة وحملناها إلى السيارة وذهبت الى مستشفى أطباء بلا حدود.
” تقول الإحصاءات أن حوالي 36 امرأة تم قنصها منذ بداية الحرب، معظمهن طاعنات في السن لا حول لهن ولا قوة، في إشارة إلى تخبط واضح في استخدام القوة و إشارة إلى نوع هذه الحرب التي تمارس ضد العزّل في عدن وسائر مدائن جنوب اليمن.

صادر عن المجموعة الحرة

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *