arablog.org

عن ذكرى 11 سبتمبر ، و صناعة اللحظات الفارقة !

september-11_wtc

لا يمكنني أن أسامح نفسي لذلك الشعور البهيج الذي انتابني إثر هجمات الـ ١١ من سبتمبر، بجهوزية تامة واعتباط مفرط، تسمرت عيني على الشاشات يومها وفي عقلي وهج المنتصر، أتمنى بشوق ” يارب زيدهم “.
كنا نُحشى بهكذا أماني كأوراق الملفوف، في المدرسة، في الشارع، في جلسات المساجد، ودروس الذكر ..
كلنا -حتى الملحدين- مررنا بفترات من الالتصاق الوثيق بفكرة دينية متطرفة، تلك التي إما أن تبقى عالقة معك للأبد؛ وإما أن تعادلها بوسطية معينة؛ وإما أن تقفز بها للجانب الآخر؛ وتتطرف أيضاً ولكن بالمقلوب.

حملنا صور بن لادن ذات مرة هو وصدام حسين وطغاة آخرين في مسيرات طلابية لنصرة القضية الفلسطينية، جبنا بها شوارع عدن، كنا متحمسين للغاية لهذه الروابط الغريبة التي لا ينفع أحدها الآخر بشيء، أضحكُ الآن من أعماقي ولا أصدقُ أني كنتُ هذا الإنسان، كان رأسي مليئا بالخزعبلات أيضاً، الديني منها وما رُبطَ بالدين على حين غفلة.

كنتُ أعتقد بالكثير من الشطط الذي تَواترتْه الأحاديث، وبالكثير من التفاسير الجافية التي صُنفتْ كمسلماتٍ.
الآن على الأقل نجتهد في معرفة المعقول من الجنوني، تجد في نفسك قابلية للرفض، تتناسب بشكل جيد مع المعنى العميق لحكمة الخلق، لمحبة المخلوقات، لتقدير العلم والمنفعة.

أتذكر الآن الحقبتين وأستشعر كم التحورات التي مررنا بها كأشخاصٍ وكمجتمعاتٍ، فيما عدى بعض الفوارق الفردية، فهناك قابلية إسفنجية للمدن الجوفاء لإمتصاص كل الأفكار المتطرفة، عدن كمثال.
ثلاثون عاماً للخلف؛ مسيراتٌ تحمل لـُبَّ الماركسية والشيوعية وأفكارهما تطوف شوارع عدن .. بعدها بقليل فقط طُفنا نحن ذاتَ الشوارع بصور بن لادن ، ياللمفارقة !

هناك تلك اللحظة الفارقة في حياة كل شخص، تلك المقرونة بالمعرفة دوماً، نقطة التحول ومحور ارتكاز أفكارك لباقي أيام حياتك، معرفة تراكمية، لحظة صادمة، نقاش عميق، كتاب، عمل ابداعي، كلها أشياء قابلة لإعادة تدوير المتطرفين وتبديلهم بأشخاصٍ عاديين قبل أن يتحولوا إلى مجرمين.

هذه هي حربنا المقدسة مع أعداء الحياة، لا بالذبح ولا بالقنص ولا بالنكران نقضى على الإرهاب، بل بصناعة “اللحظات الفارقة “..

1 Comment

  1. yasserzareaayasserzareaa

    سلمت الأنامل..نعم اوافقك نحن كبشر نمر في حياتنا بمتغيرات كثيرة منها وقتي ومنها ما يلازمنا لفترة طويلة وبتراكم المعلومات تتغير مفاهيمنا وربما تلجئنا للبحث والتنقيب عن الصحيح من المعلومات وفرزها وربط بعض النقاط ببعضها الأخر لنخرج بفهم موسع، ات لم نفعل ذلك فلا فرق بيننا وبين الجماد،كنت منذ فترة غير طويلة مصدقاً بأن الحيوانات لا عقول لها ولا تفكر ولكن منذ فترة بسيطة وبفضل الشبكة العنكوبتية وخاصة اليوتوب رأيت ما غير معلوماتي للآبد هم يفكرون ويحتالون مثلنا كالبشر للحصول على مبغاهم وهم عندهم مشاعر ربما افضل وارق من بعض البشر.

    Reply

اترك رداً على yasserzareaa إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *