arablog.org

الخير يعرف طريقه !

طريق الخير

طريق الخير

عند أول لحظة لدخولي المبنى وجدته أمامي، كان يبدو غريبًا أو محتارًا.. تجاوزته على عجل إذ كان معي طفلي المريض أنقله لمعهد الأورام لإجراء بذل لنخاع العظم، الكثير من الإجراءات كنتُ في صددها ورافقني هو في معظمها دون دعوة، حيثما أنا أذهب و أجيء.. يمنة ويسرة.. من طابق لطابق و من حجرة لحجرة أجده بجانبي أو يتأملني من بعيد .. ساعة كاملة قضاها يترصدني ويحملق في وجهي على نحو مريب، لم يبدُ أنه مريض أو مرافق لمريض أو حتى رجلًا ينتمي للمكان عملًا أو معرفةً .. كان هناك يراقبني فقط ..

ضقت درعًا به، فرحت أتشاغل بالأطفال المرضى الذين تساقط عنهم الشعر وتركهم الكيماوي جُردًا و أنقياء، بشرًا كاملين بلا فراء ولا زغب !
تخيلتُ خلال الطريق إلى معهد الأورام؛ أن صدمتي ستكون كبيرة بحجم الآلام هناك؛ فلم أجد إلا الآمال ، كنت أظنني سألتقي بالموت؛ فوجدت الحياة .

و ذلك الرجل ؛ لا غرو!

اضطررت لإجراء مكالمة وكانت الشبكة ضعيفة في مكاني؛ ركضت نحو مكان مفتوح، وتبعني بالطبع الرجل الأنيق ، الأربعيني السامق القامة، كان يرتدي نظارة بدت فاخرة على وجهه المتورد، كنت أتهيأ لكسرها في وجهه وأنا أجده يتقدم نحوي بابتسامة عريضة .. ظننته أحد المتحرشين فشددت أوتار وجهي وتهيبت .حتى بزغ صوته يسألني بتهذيب بالغ :

– لوسمحتي أنا عاوز أديكي فلوس تبرع للأطفال المرضى هنا .
– بس أنا مش بشتغل هنا ، أنا ف أبو الريش جايبة مريض بس
– طب تعرفي ممكن أوصلها لمين ؟
– ممكن نروح الطوارئ نسأل هناك

مشينا حتى الطوارئ وكانت هناك الطبيبة المسئولة، سألها إن كانوا بحاجة تبرعات فردت بالإيجاب فسلمها مظروف، تفاجأت وهو يذكر المبلغ، مبلغٌ كبيرٌ ليدفعه أحدهم هكذا في طلب المصادفات ..

سألته :
– بس إزاي ما خفتش إني أكون نصابة أو مش أمينة فتقوم تديني الفلوس وآخذها ..

رد علي برد لا أظنني سأنساه طوال حياتي :

– الخير بيعرف طريقه كويس أوي !

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *