arablog.org

رحلة الوصول الصعب

طنبت الفكرة في رأسي خلال يوم، ذهبتُ لمكتب الطيران، سألتُ الموظفة إن كانت هناك رحلة خلال اليومين القادمين؛ أجابت بالإيجاب..حصلتُ على تذكرتي ومضيتُ، اتصلت لمها​ ابنة خالي أخبرها وأستحلفها أن لا تحدث أي فرد من عائلتي بأمر سفري، فكان لي ما أردت منها .

في الطريق إلى المطار كانت القاهرة تزفر أنفاسها بشرًا وسيارات وزحمة لم أعهدها بهذا الشكل الفظيع من قبل، استغرقت رنا​ ساعتين ونصف لتصل لي ومن مكاني للمطار ساعتان أخرى، إلى جانب الأمطار التي كانت تذرفها كايرو غزيرة لوداعي والبلل الذي غرقتُ فيه جراء حضنها الوثير، وصلت في آخر صف الحاضرين وكنت آخر من وزن أمتعته من المسافرين على متن تلك الرحلة، جعلت أدور حول نفسي من ” الربشة” لولا حوار ودي مع مسافر لبناني يعمل في الصحافة أخذ يحدثني عن الوضع في الدول العربية وكاد يقسم بكل الآلهة في هذه الدنيا بأن اليمن تعيش وضعًا حرجًا وصعبًا ، هززتُ رأسي له بكل ما أوتيتُ من قوة، ووددتُ لو أنه وفر قليلًا في حصّالته من كل ذلك الحلفان لأزمتي الإقليمية !

في الطائرة كان لي المقعد الذي طلبته، بجانب النافذة، بدت لي القاهرة عروسًا بفستان مطرز بالأضواء من الأعلى، المقعد المجاور كان فارغًا فوجدت دعتي في أن أنزع أحذيتي وألتهم وجبتي اللذيذة من رواية كانت بيدي وفق طقوسي، مرّت الرحلة بسلاسة، سوى من أوجاع مفاجئة انتابت شاب في مقعد قريب برأت بعد أخذه المهدئات التي طلبتُها له من طاقم الطائرة.

عدن

كنا على وشك الهبوط .. هرعنا نربط الأحزمة، إذ كان المدرج على بعد دقيقة واحدة، فوجئنا بالطائرة ترتفع من جديد، وتحلق لوجهة لا نعرفها، التقط كابتن الطائرة المذياع وأخبرنا أن أوضاعًا أمنية “غير معروفة” أجبرتهم على تغيير الوجهة، كدت أخلع أزرار الجلادة التي ربطت على قلبي عندما وجدت نفسي وحيدة في مطار مدينة لا أحبها، بلا هاتف ولانقود محلية وبلا أقارب أو مستقبلين .

بعد 3 ساعات من الانتظار لملمنا طاقم المطار مرة أخرى إلى غرفة الترانزيت وأخبرونا أن لا أمل من العودة نحو بغيتنا قبل الصباح، اتكأت على مقعد وفير في الترانزيت، لكم تمنيت أن أحصل على شبكة انترنت لأرسل أي شيء لأي أحد ولأعلم على الأقل ما الذي يجري هناك حيث عقدتُ العزم على السفر !

مرت ساعتان وعادوا ليخبرونا أننا سننحشر في وسط أفواج لرحلة ذاهبة إلى العمرة ستصل مطار جدة، لملمت حقيبة ظهري التي بدأت أشعر بثقلها فجأة و بثقل أجفاني التي غالبها النعاس والوهن، الطائرة كانت مليئة بأفواج شرق آسيوية لبسوا جميعهم نفس الملابس، الرجال ملابس الإحرام و النساء ملابس مزركشة و أغطية بيضاء بنفس الشكل، وجدت نفسي أهلل في سري لبيك اللهم لبيك هكذا دونما غرابة !

وصلتُ في الساعة الرابعة فجرًا، كانت الأوضاع الأمنية قد سكنت قليلًا .. الحمدلله أن مها و خالي لم يفقدوا جلادتهم وظلوا ينتظرونني ، الحمدلله على سلامة الماما بعد نوبة الانفعالات و القلق التي انتابتها، الحمدلله أني في عدن الآن، التي يشير توقيتها المحلي للمودة والنصف، أما أجواؤها فملبدة بالخوف والترقب .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *